المسلمون الهنود: إرهابيون أو مرهبون
ماهو الإرهاب
الإرهاب لفظ لا معنى له في المصطلح لأن الحكوما ت والمسؤولين بها لم يتخذوا حدا محكما للإرهاب حتى الآن ولم يتفقوا على معنى من معانيه الاصطلاحية، مع أن معناه اللغوي هوالعنف،و التطرف، الظلم والإضطهاد، إزعاج الناس و بث الذعر والخوف ، من قتل الأبرياء وتضحية الولدان، وكل ما يرهب الناس ويؤديهم إلى الفوضوية.
فكل حكومة وبلاد لديها حد للإرهاب اتخذته من تلقاء نفسها وفق مرضياتها واستراتيجياتها الحكومية، ويغربل على ذلك المقياس أعمال أعدائها السياسية الداخلية والخارجية،ويطلق عليهم لقب الإرهابيين.
فقانون الأمن الوطني الهندي يعرف الإرهابي بألفاظ ما يلي: الإرهابي شخص يقوم باستخدام القنابل أوالألغام الناسفة أو المواد المتفجرة والحارقة، أو باستعمال أسلحة نارية وغيرها من الأسلحة المسببة للهلاك وغازات سامة ومواد أخرى مدمرة، استعمالا يمكن أن يسفر عن جرح أو تلف أموال وممتلكات أو تدمير نظام إدارة للحاجات الوطنية والأغراض الضرورية، وذلك لتعطيل وترهيب حكومة قانونية أو لبث الذعر والخوف في صفوف عامة الناس أو بين طائفة من الطوائف.
المسلمون في الهند
الهند بلاد يسكنهاالمسلمون منذ قديم الزمان، وصل إليها الإسلام بعد ظهوره مباشرة، بما أن وطئت أرضها أقدام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما أسعدها قدوم عدة من التابعين، فجاؤا وقاموا بعملية دعوة الناس إلى الإسلام، فبدأ سكان الهند يتأثروا بفلسفة التوحيد، فجنحوا إلى الإسلام واعتنقوه، هكذا بدأت سلسلة قبول الإسلام، ثم دارت الأيام وقدم الهند دعاة وملوك من الدول المسلمة، فكثر عدد المسلمين حتى بلغ الآن إلى أكثر من مأتين وخمسين مليون نسمة، فهم الأقلية الكبرى وثانية جاليات الهند بالنسبة إلى العدد والدين.
موقفهم من الإرهاب
جميع المسلمين في الهند يُدينون الإرهاب ويكرهونه كما ينظرون إليه بعين الكراهية والسخط، لأن الدين الذي يدينون به والمذهب الذي ينتمون إليه لا يسمحهم بالعمليات الإرهابية،بل الشريعة التي يقضى المسلمون حياتهم حسب إرشاداتها، هي بنفسها تكره هذه الأعمال لأنها قائمة على عدم العدوان وانتهاك الحرمات، وسفك الدماء. فهذه هي عدة بنود من كتاب القوانين الإسلامية:
" ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما""من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا""إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم"
فالمسلمون الذين يَدينون بدين الإسلام الذي يقول أن القائم ب الإرهاب جزاءه جهنم خالدا فيها،وأن لا بأس أن تقطع أيديهم أو يُنفوا من الأرض، كيف ينتمون إلى الأعمال الإرهابية، فهم كلهم ضد ظاهرة الإرهاب وينظرون إليها بعين السخط والغضب، ولم يقوموا بأي قسم من الإرهاب، ولفكرة مسلمي الهند كهذه لم يشارك أحد منهم في المنظمات الإرهابية مثل القاعدة، والجيش الطيبة، والأخرى منها.بل أعربوا عن آرائهم بكل الوضاحة والصراحة أن كل من يقوم بعملية الإرهاب يجب عليه أن يقابل المحاكم الرسمية.
هذه هي جامعة دارالعلوم بديوبند قد عقدت مؤتمرا كبيرا شاركه أكثر من عشرة آلاف عالم بغض النظر إلى مسالكهم الشرعية من جميع أنحاء البلاد فكلهم أدانوا العمليات الإرهابية كما أصدروا فتوى ضد الإرهاب،حيث لا مكان له في الإسلام، وكل من يقوم به يستحق أن يحكم عليه بالإعدام وبأشد عقوبة، لأن قتل الأبرياء، جريمة لا تغتفرفي الإسلام، وبث الفساد والفتنة أشد من القتل.
ثم هي جمعية علماء الهند أكبر المنظمات الإسلامية، عقدت عدة مؤتمرات في كبريات مدن الهند ضد العمليات الإرهابية،شاركها ملائين من الناس، قد أدانت الإرهاب وقالت بأنها عبارة من الجبن، كما بايع الناس في تلك المؤتمرات على أن لا يشاركون في أي عمل يشوبه الإرهاب، ولا يقومون به أنفسهم، ويدينون جميع الأعمال الإرهابية، كما يكرهون من يقوم به من الناس بغض النظر إلى دينه ومسلكه.
ولم تقم هاتان الإدارتان بإدانة الأعمال الإرهابية فحسب؛ بل أدان بها جميع المنظمات الإسلامية في الهند، والمدارس،والمسؤولون بالدين ومن رجاله الأخصاء كلهم أدانوا الإرهاب، وكرهوه، قائلين بأنه لا مكان للإرهاب في الإسلام، ونحن لا نسمح لأحد أن يقوم به، ومن يقوم به فأمره إلى الله.
الحوادث الإرهابية ونسبتها إلى المسلمين
قد شهدت الهند عدة حوادث إرهابية في السنوات الماضية القريبة، من كبرياتها الإبادة الجماعية للمسلمين في ولاية غوجرات، ثم سلسلة انفجارات القنابل في عاصمة دهلي، وكذلك الإنفجارات في مدينة مالىغاؤن، وأخيرا ما حدث في مدينة مومبئي من الكارثة التي بثت الذعر والخوف كما خلفت الغضب والسخط ضدالحكومة في جميع أنحاء البلاد، حتىكادت أن تضرم نيران الحرب بين الهند وباكستان، لما أن الهند تدعي بأن الإرهابيون الذين قاموا بهذه العملية في مدينة مومبئي،كلهم باكستانيون، جاؤوامن مدينة كراتشي وقضوا مضاجع سكان الهند.
والحقيقة الأخرى التي تشهده الهند، المشكلة التي تتعرض لها دولتنا منذ الاستقلال والتقسيم، هي العصبية الدينية، وهذه هي داء أصابت دولتنا، وقد انسلت في قلوب أكثر الهندوس الذين يسكنون الهند، وخلفت أثرا سيئا لم يزل يضعف قوة الدولة، وينخر استراتيجية الوحدة في الإختلاف. ولم تكن هذه العصبية مقصورة إلى الشعب والمنظمات الشعبية بل انسلت إلى محاكم رسمية، وأخذت تعمل عملها في قلوب رجال الحكومة والمسؤلين بمحاكمها، وهذه العصبية الدينية تسفر عما إن حدثت كارثة حتى قالت المنظمات الطائفية ن القائمين بهاهم المسلمون، ثم تبدأ سلسلة اعتقال شبان المسلمين، ويلقى القبض عليهم واحدا بعد واحد، ثم هم يسجنون ليكونوا خير شاهدين على ما يتهمون الهندوس المسلمين بالقيام بالأعمال الإرهابية وبث الذعروالخوف بين جاليات الهنادك.
حقا إنهم مرهبون
حقا إن المسلمين الهنود متعرضون لمشكلة العصبية الدينية، ولذا هم المرهبون أبدا إلا ماشاء الله، فهم لا يرتكبون أي ذنب مثل القتل أو الفتنة ولا يقترفون جريمة مثلها، ولا شك بإنهم لايقومون بأي عمل إرهابي، ولكنهم يتهمون ويرمون بالقيام بتلك العمليات الإرهابية التي يقوم بها الهندوس بأنفسهم.هذه هي سلسلة إنفجارات في مالى غاؤن ذهبت ضحاياها أكثر من مأتين. حينما حدثت هذه الكارثة، إتهم الطائفيون ورجال المخابرات بأن القائمين بها هم المسلمون، ولكن حينما قام رئيس كتلة الشرطة الخاصة ضد الإرهاب،السيد همينت كركرى الضابط الأمين والصدوق بتفتيش الكارثة، وجد أن الهندوس وخاصة رجال الديانة الهندوكية ارتكبوا هذه الجريمة، وقاموا بتفجيرالقنابل أمام المساجد والمقابر بإشتراك الضباط من القوات الذين ملأت قلوبهم تعصبا ضدالمسليمن. وماهي قصة وحيدة ذاع سرها وانكشف أمرها،بل كم من مرة القىالقبض على رجال المنظمات الطائفية المتطرفين، وهم مشتغلون بصنع القنابل اليدوية، وكم من مرة انفجرت القنابل في أيديهم خلال صنعها، ولكن الحوادث الإرهابية التي شهدتها أرض الهند كلها اُنتسبت أولا إلى المسلمين، وصرخوا المتطرفون بأنفسهم بأن شبان المسلمين قاموا بهذه العمليات، فضُربوا ضربا مبرحا، ثم سُجنوا بدون أي حكم من قبل المحاكم القضائية.
هذه هي الحقيقية الأرضية فمن له شك في مقالي يجب عليه أن يزور السجون ويستعرض أحوال المسجونين سيجد أن أكثريتهم تنتمي إلى الإسلام، وهم شبان لم يبلغوا من عمرهم إلا إلى عشرين أوخمسة وعشرين، لاهم الولدان ولا الأعاجيز. فالواضح أن الهدف الأصلي هم الشبان وهو لموامرة يدبرها الهنادك المتعصبون والمتطرفون لكف المسلمين من السيرإلى التطور والرقى، والوقوف في وجوههم دون تحسين أحوالهم الإقتصادية والتعليمية.
هناك أخيرا أقول بأن ظاهرة الإرهاب ما هي إلا ظاهرة ضد الإسلام والمسلمين قد أُحدثت لأسباب سياسية، من بينها: توسيخ سمعة الإسلام وتوشيه وجهه، وإقلاع جذوره واستئصال شأفة كل من ينتمي إليه. فإن الإسلام هو دين يحول دون انتشار النصرانية، وتحدية لجميع الحكام المستبدين. مثل أمريكا وأوروبا.
كما هي ألة لتضعيف الأعداء وتقتيلهم شر قتلة، هذه أفغانستان وتلك العراق كلتاهما أصيبتا بالعمليات الإرهابية التي قامت بها الأمريكا بإسم استخلاص الشعب الأفغاني والعراقي من براثن الحكماء المسبتدين، مع أنها بنفسها استبدت واضطهدت عليهم فدمرت بيوتهم وقتلت نسائهم وولدانهم، وتركتهم حيارى هائمين. فظاهرة الإرهاب هي عصا الحكم، وإنهم يريدون أن يحكموا بذلك العصا الساحر على العالم كله، فمن له العصا فله الجاموس.