الشعرالجاهلي وميزاته
البداية
هذه هي حقيقة لايختلف فيها الإثنان ولاينتطح فيها العنزان أن الإنسان يتأثر بما حوله من حياة مباشرة وغير مباشرة ، علما به أو دون علم به فالمكان الذي يسكنه الإنسان ، والبيئة التي يعيش فيها وكذلك المناخ والجو الذي يقضي فيها طفولته أوعنفوان شبابه، كهولته وشيخوخته كلها تلعب دورا رائدا في تكوين الإنسان كبيرا أوصغيرا وتأهيله للانتاجات النافعة أو الخاسرة ، فا لشاعر أو الكاتب وكذلك الفنان إذا أراد أن يقرض أي شعر أو يكتب أي سطر أويرسم أي تصوير يفكر فيما تشاهد عيونه من الحوادث، ويمر هو بنفسه من المناظر، ويتعرض له من الأفراح والمصائب، وعلي بذور تلك الحوادث تتولدأخيلته وتتغذي بمرورالأيام وتنمو، فهو لاينطق ولا يصور ولا ينشد إلا مايختلج في نفسه، ولا يدور بخاطره إلا ما يدور حوله من حياة، فلا بد علينا قبل أن نبدأ تفقد ميزات الشعر الجاهي، أن نستعرض حياة العرب الجاهلية بجميع نواحيها السياسية والاجتماعية وكذلك الدينية، ونستظهر شاعريتهم بجميع أغراضها وأصنافها وأسلوبهم فيها، وأن ندرس بيئتها التي عاش فيها أولئك الشعراء وندرس مناخها الذي تولدت فيه تلك الشاعرية و ترعرعت بين جنباته وشبت في أجواءه.
جزيرة العرب
العرب جزيرة تحد بالفرات وبادية الشام شمالا ، والخليج العربي وعمان شرقا، والمحيط الهندي جنوبا، والبحر الأحمر غربا، تشتمل علي عدة مناطق منها:
الحجاز: وهي منطقة تتكون من سلسلة الجبال التي تمتد من شمال اليمن إلي بادية الشام ، وتختفي بين طياتها أودية كثيرة ومناطق بركانية، يقل فيها المطر، وتشتد الحرارة، وأكثر أرضها قفراء جرداء لا ينبت فيها شئ، إلا بعض المناطق التي تتوفر بها آبار وعيون, فتعمر حولها مدن وقري كبيرة مثل المكة المكرمة، والمدينة المنورة ، والطائف.وخيبر، غامد ، زهران ، وبني شهر.
تهامة: وهي منطقة ساحلية تطل علي البحرالأحمر تشتمل علي أكوام الرمل ، فتشتد فيها الحرارة وتقل النبات إلا في الأمكنة التي يجتمع فيهاماء الفيضانات والمطر أحيانا وفتتحول الأرض الجرداء إلي خصباء وتوجد هنا حدائق النخل التي تدر الرزق علي الذين يسكنون تلك المنطقة.
نجد: وهي أحسن بقاع الجزيرة جوا وهواءً وأجملها بيئةً،توجد فيها الوديان والواحات الخصباءتكثر فيها الزراعة، وتتحسن بيئتها خاصة في الربيع , حيث تكثر مظاهرالجمال ، وتتعدد ألوانه.
يمامة ويمن: يمامة منطقة تقع بين نجد واليمن، وتكثر فيها المياه،واليمن منطقة تحتوي علي أرض منخفضة مطلة علي سواحل البحور، وبما أنها تشرف علي المحيط الهندي والبحر الأحمر، وتغزر فيها المطر،جوها معتدل وأرضها خصبة فتكثر فيها الزراعة،ولعل هذا كلها أهلت القدماء من سكانها لإنشاء حضارة عظيمة .
مناخ الجزيرة: في الجملة الجزيرة بجميع مناطقها تتمتع بشدة الحرارة والبرودة معا أحيانا تشتد الحرارة وأحيانا تكثر البرودة ولكن الحرارة هي أكثر من البردوة وتكثر فيها الرياح السموم والصبا وفي بعض مناطقها تكثر الأمطار فبعض أرض الجزيرة خصبة حافلة بالزروع والثمار ولكن أكثرها تقل المطر وهي مقفرة مجدبة .
حياة العرب الجاهلية
قدامتاز العرب في العصر الجاهلي بأخلاق ومواهب تفردوا بها أو فازو ا فيها بالقدح المعلي، كالفصاحة، وقوة البيان وحب الحرية والأنفة والفروسة والشجاعة والحماسةوالصراحة في القول وجودةالحفظ وقوةالذاكرة والوفا والأمانة.
الدينية: كان العرب قدانغمسوا في الوثينة بأبشع أشكالها،وكان لكل قبيلة صنم يعبدونه يسجدونه ويطلبون به، كما صور رجاء العطاردي وثنية العرب فقال: كنا نعبدالحجر ، فإذا وجدنا حجر هو خير منه ألقيناه وأخذناالأخر ، فإذا لم نجد حجرا ، جمعنا حثوة من تراب ،ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به.
السياسية: لم تكن للعرب حكومة فيعيشون أحرارا طلقاء، حياة بدو وترحال ، فهم لا يهتمون بالسياسة ولاو يقيمون لها وزنا إلا من كانوا يسكنون مدن الجزيرة ويشتغلون بالتجارة والصناعة فهم كانوا يهتمون بالسياسة وينظرون إليها بعين التقدير، مع أنه لم تكن لهم الحكومة ولا ملوكية ، إلا ما كانت توجد في الحيرة والشام وما توجد من بعض الإمارات مثل إمارة الغساسنة وإمارة سبأ وإمارة كندة ولكنهم لم يكونواإلا ملوك متوجون غير مستقلين.
كانت البداوة تسيطر علي سكان العرب بجميع معانيها ومفاهيمها، فاكثرهم كانوا يعيشون بالقري والأرياف ويقضون أيامهم في الصحاري تحت الخيام مشتغلين في رعي الأنعام التي كانت بمثابة معاشهم فكل مايشربون ويطعمون ويلبسون لم تكن إلا من تلك الأنعام لحما ولبنا وصوفا ، فحياتهم كانت غير مستقرة لايزال يرتحلون من مكان إلي مكان آخر ويضربون في جميع أرجاء الجزيرة ، أحيانا ساعين وراءطلب الماء وبحثاعن الأرض الخضراء ، وأحيانا لإظهار فروسيتهم في الحروب والقتال،
الاجتماعية: وكانوا يعيشون حياة قبلية وكانو متعصبين لقبيلتهم إلي أكثر حد العصبية وجميع أعضاء القبيلة كانوا يعتزون بقبيلتهم ويفتخرون برجالها وأخلاقها وعاداتها،وكانوا يرتبطون فيما بينهم ارتباطا لم يشهد السماء سواه ، فكانت القبلية كلها واحد وواحد منهم كان القبيلة بنفسه، كانت العصبية منبثة في جميع قبائل المجتمع الجاهلي فكانوا يتمثلون بالجملة الماثورة عن أبائهم "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين،وكذلك كانت بين تلك القبائل طبقات وبيوت تري لنفسها فضلا علي غيرها زعما من عندأنفسهم ، فتترفع علي الناس ولا تشاركهم في مناسبات غيرها، فهاتان الظاهرتان كانتا تؤديان العرب إلي الحروب التي لا تضرم نيرانها إلا لأتفه الأسباب ، كما كان حرب البسوس ، وداحس وغبراء ،وما إلي ذلك، فهانت علي العرب الحرب وإراقة الدما ء حتي صارت لهم الحرب العوبة تلعب بها الأطفال كما قال قائلهم :
وأحيانا علي بكر أخينا * إذا مالم نجدإلا أخانا ة
و يدعو شاعرهم:
إذالمهرةالشقراءأدرك ظهرها* فشب الأله الحرب بين القبائل
لتلك الحروب والقتال والجدال اليومية برع العرب فالفروسية براعة تامة حتي ماإن ولدت وليد حتي يعلم أسماء أدوات القتال وكثيرا ماتقام الزواج في ظل الأسنة والسيوف وذلك أن أحدهما يلقي رجلا معه ظعينة وليس من قبيلته ولا من أحلافها ، فيتقاتلان ، فإذا قهره أخذها منه سبية واستحلهابذلك، فكان العربي إما مغيرا أو مغارا عليه،
وقد فرضت عليهم هذه الحياة البدوية أساليب معينة من السلوك والأخلاق، فغلب عليهم الكرم والشجاعة والفروسية ، قد دربتهم تلك الحياة علي اليقظة والحذر والصراحة التامة، و أدت كلا منهم إلي أن يكون شجاعا مقداما، صبورا قادرا علي تحمل المتاعب والمصاعب، كما عقدت كثيرامن الصلات القوية بينهم وبين أماكن في الصحاري ومناطق جبلية، تثير في أنفسهم أنبل المشاعر والعواطف، لذلك نجد معظم القصائد تبدأببكاء الدمن و الوقوف علي الأطلال.
كان هناك أناس وهم يسكنون المدن والحضرمثل مكة ويمن وغير ذلك من المدن والقري الكبيرة وهم كانوا يعيشون حياةغير حياة البدويين وكانوا يتمتعون بشئ من الحضارة والمدنية ولكنهم كانوا قليلين.
لم يكن لهم إلمام بالعلم والمعرفة سوا قليل وهو با الأدب وفصاحة القول و الطبّ و القيافةو علم الأنساب و الكهانة والعرافة و علم النّجوم والرياح .
شاعرية العرب الجاهلين
قد أثرت حياة العرب الجاهلين علي الشعر أثرا مايرام من وقعها، لأن كان لكل قبيلة وإمارة شعراء يمدحونهم بما فيهم من محاسن ويهجون أعداءهم ذكرا بمعائيبهم ومكارههم وكذلك يشجعون أبطالهم حين تدور حومة الوغي بذكر أمجادهم وفراستهم وفروستهم حتي أصبح هولاءالشعراء كانوا يتنافسون فيمابينهم في الشعر لذا اهتم العرب بالشعر اهتماما بالغا وركزوا عليه جميع حياتهم ، وبذلوا فيه قصاري جهودهم البيانية والأدبية، وسلكوا فيه جميعا ما يتمكنوا منه فلم يتركوا أي منهج من المناهج إلا وقد اختاروه، وانتهزوا جميع أساليب البلاغة، حتي بلغوا به إلي قمة البلاغة وذروة التعبير، فكان شعرهم نموذجا عاليا من نماذج الأدب وروائع الكلام، ونشأ فيهم الفحول من الشعراء والأدباء.
كما أن الشاعر يقرض شعرا حينما تستولي عليه فكرة، والفكرة لا تنبت إلا ببذور الحياة الاجتماعية وتقاليدها، وهو يتأثر بتلك الفكرة بشعور صادق، وينفعل بها انفعالا نادرا ، ثم يؤديها في صورة مثيرة، مع العناية الكاملة بالأسلوب ونظم الكلام وحسن اختيارالألفاظ وتأليفها، تلعب بالعواطف وتأخذ بالمشاعر وتستحوذ علي النفوس. فاستخداما ماكانوا يتمتعون به من مواهب أدبية عظيمة، ومزايا شعرية ضخمة، وقوة التأثروالبيان، صوروا كل ما رأو حولهم من مظاهر وحوادث، ومايخيل إليهم من العواطف والأحاسيس، وكذلك ماكانت في البادية من حيوان ونبات وجماد، وما هنالك من مظاهر الطبيعة من أطلال وحل وترحال وحروب ومجالس أنس ولهو، وما تحمله الطبيعة من أمطار وصحو ورياح، إلى غير ذلك من مشاهد البادية، فهذا كلها صورالشعراء الجاهليون أدق تصوير، و رسموا الحياة ومافيها من أعمال جليلة وأخلاق فاضلة، وما سادها من اضطراب وقلق.ولكن جميع ما كانوا قرضوا من الشعر لم يصل بنا لأسباب عديدة لا يتسع لذكره هنا المجال،وهذا لا يمنعنا عن ذكر البعض من أغراض الشعر الجاهلي وأصنافه:
أغراض الشعر وأصنافه
الغزل:
و هو من أهم أصناف الشعر الجاهلي، وبما أن معناه حديث الفتيان والفتيات، واللهو مع النساء، ومغازلتهن، يدور حول الأنوثة بجميع صفاتهاحسنا وبهاء، وبما يكون فيها من لطافة وروعة ، تبعث عليه حياة الصحراء وما فيها من حياة الترحال،ولأن النساء لايزلن مع الرجال يرحلن، ويسافرن معهم حتي يكُنّ معهم في جميع أحوال الحياة، فهنالك كانت فرصات لالتقاء النساء، ولنشئ المحبة والتورط فيها، وكذلك لم تكن هناك أية وسيلة لطمأنينة، وتلذذ الحياة في وعوثة الصحراء سوا المرأة، وحياة الترحال أحيانا كانت تفرق المحبين، فالشعراء يتذرعون بالشعر لإرواء غليل حبهم بذكر محاسن حبيباتهم وعشيقاتهم، وما فيها من صفات ممتازة خلابة وصفات حميدة. كما عنترة الذي كان يقاتل بكل جبار متكبر، ويهزم كل من يناضله شر هزيمة، فهو يتضور في ألام هجرحبيبته ويقول:
أقاتل كل جبار عنيد * وتقتلني الفراق بلا قتال
وكما أعرب أعشي أن المرأة هي المسيحة التي إذاأمس جزءها بجثمان جامد، يقوم توا أوكاد أن يقوم فيقول:
لو أسندت ميتا إلي نحرها *عاش ولم ينقل إلي قابر
الفخر والحماسة:
هذا أيضا من أهم أصناف الشعر الجاهلي، الذي صب عليه العرب أكثر طاقاتهم، لأنهم في هذا الصنف كانوا يذكرون محاسن القبيلة، وبياض أعمالها، ومكارم أخلاقها، والصفات المحمودة الأخري من الشجاعة والكرم، ومكانتها حسباونسبا، ويفتخرون بذكرها، ويعتزون بإنشادها وسردها، كما كانوا يهيجون ويشجعون فرسانهم، بذكر خدمات أمجادهم، ويثيرون الحماسة فيهم كلما تضرم نيران الحرب، وتدور حومة الوغي، كما قال المرقش الأكبر:
إني لمن معشر أفني أوائلهم * قول الكماة ألا أين المحامون
لوكان في الألف منا واحد فدعو* من فارس؟ خالهم إياه يعنونا
وكما قال طرفة فخرابشجاعته :
إذ القوم قالوا من فتي خلت أنني* عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وكما يفتخر عمروبن كلثوم بقبيليته:
ونشرب إن وردنا الماء صفوا * ويشرب غيرنا كدرا وطينا
إذا بلغ الفطام لنا صبي * تخر له الجبابر ساجدينا
وقد أثار هذا الفن الكثير مما كان بين العرب من حروب وعصبيات ومنازعات، لأنهم كانوا يتنافسون فيما بينهم بذكر محاسنهم ،وبإدعاءهم أنهم أحسن من غيرهم، ومن أشهر هذ المجال عنترة والمهلل.
الهجاء:
كما تطور الفخر والحماسة في ظل الحروب والنزاعات العصبية، الهجاء أيضا وليد الحروب والعصبيات. وهوالإساءة إلي رجل أو قبيلة، وفي هذاالصنف أيضا، أنشد الشعراء الجاهليون، وهجوا رجالا ماكانوا يحبونهم، فكانوا يذكرون مكاره رجل أو قبيلة حسب أهدافهم، ويستهزؤن بهم، وكلما اشتدت العصبية، تطور الهجو، حتي قال زهير بن أبي سلمي :
وما أدري ولست أخال أدري* أقوم آل حصن أو نساء
الوصف:
هذا هوالصنف الذي برع فيه العرب براعة تامة، فكان الشعراء الجاهليون إذا وصفوا الأشياء يدقون النظر فيها، وفي جميع أجزائها، فيستخدمون بأبلغ التشبيهات، ويأتون بألطف الكنايات والاستعارات، التي تطلبها المحل واقتضاها المكان، فهم يصورن بأسلوب بارع، حتي أعجب السامع/ ويظن أن الحادث الآن تقع أمام أعينه وهو يشاهده، وكأن الشاعر نحات لا يصنع قصيدة بل تمثالا، كما كان جميع من تشبيهاتهم وكناياتهم مستمدة من حياتهم اليومية بجميع أصنافها.
ووصف الشاعر الجاهلي كل ما كان يدور في حياته البدوية، ويحيط بشخصه من الحيوانات والجمادات والنباتات، وكذلك الشمس والقمر والكواكب والغيوم وأكوام الرمل ومخيمات الحبيبات وآثارها في قلوب الشعراء، وماتعرضت له من سحاب و رعد ومطر ورياح ، فوصف كل ماراي وسمع و أبدع في الوصف، وأجاد في التعبير، وتفنن فيه ،وتنوع فيه تنوعا لايحصي ولا يعد، فوصف الإبل والفرس بجميع نواحيهما اللذان كانا من أثمن متاع العرب، وكذلك صور الحروب التي كانت تندلع بين القبائل لأتفه الأسباب، وما بذل فيه أكثرطاقاته هووصف المرأة، فيذكر محاسن حبيباته و مفاتنها بدقة النظر، وما يغض النظر في الوصف عن الصدق والطابع الحسي، ولايقترف الكذب، ولايكاد.لأن الوصف لم يكن عادة غاية في ذاته، بل كان الشاعر يلجا إليه كبرهان يدعم به حجته أو وسيلة ينال بها رغائبه.
ومن أشهر الشعراء الوصافين هو امرؤ القيس، وعنترة العبسي ، وزهير ابن أبي سلمى، فهذا امرؤ القيس يصف الليل والخيل والصيد في قصيدته المشهورة المعلقة علي جدران الكعبة،
يقول:
وليل كموج البحر أرخي سدوله | * | علي بأنواع الهموم ليبتلي |
فقلت لها لما تمطي بصلبه | * | وأردف أعجازا، وناء بكلكل |
ألا أيها اليل الطويل ألا انجل | * | بصبح وما الإصباح منك بأمثل |
فيا لك من ليل كأن نجومه | * | بكل مغار الفتل شدت بيذبل |
وقد أغتدي والطير في وكناتها | * | بمنجر قيد الأوابد هيكل |
مكر مفر مقبل مدبر معا | * | كجلمود صخر حطه السيل من عل |
له أيطلا ظبي وساقا نعامة | * | وإرخاء سرحان وتقريب تتفل |
يصف امرؤ القيس، أولا ليلا طويلا ثقيلا، صبت عليه هموما لايتمكن من احتماله، ثم يصف فرسه القصيرالشعر، السريع الجري، الضخم الجسم، ويقف وقفة طويلة في وصف خبرته وقوته وسرعته وشكله، وبعده يصف رحلته بهذالفرس، حيث طاره قطيع بقرالوحش، واصطاد منها، واحدة وتفنن الطهاة في طبخها.
كما قال في وصف حبيبته عنيزة:
مهفهفة بيضاء غير مفاضة | * | ترائبها مصقولة كالسجنجل |
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش | * | إذاهي نصته ولا بمعطل |
وفرع يزين المتن أسود فاحم | * | اثيث كقنو النخلة المتعثكل |
غدائرها مستشزرات إلي العلي | * | وتضل المداري في مثني ومرسل |
وكشح لطيف كالجديل مخصر | * | ساق كأنبوب السقي المذلل |
المدح:
هو ذكر محاسن الأعمال، من الجود والشجاعة والعفاف ومحبة العدل والمسامحة والخلق الحسن، فالشعراء الجاهليون كانوا يمدحون أحيانا نفوسهم وقبيلتهم، أو ملكاً كان لهم علاقة به، أو رجلا كان يحبه وأخلاقه وما فيه من صفات عالية تليق الذكر والبيان. ولكن حينما أصبح المدح مُدرا المال، وسببا لحصول علي الثروات الطائلة، والجوائز النادرة من قبل الممدوحين من الملوك والأغنياء، تطور هذا الغرض تطورا لم يوجد له نظير في عصره، ولكن سرعان ما كره الناس الشعراء الذين كانوا يقرضون به لحرصهم علي المال ، وأهم من امتازوا بهذا الغرض هم زهير بن أبي سلمي، والنابغة الذبياني، والأعشي،
فقال زهير بن سلمي مادحا هرم بن سنان
وأبيض فياض يداه غمامة | * | علي معتفيه ما تغب فواضله |
أخي ثقة لا يهلك الخمر ماله | * | ولكنه قد يهلك المال نائله |
تراه إذا ماجئته متهللا | * | كأنك تعطيه الذي أنت سائله |
وغالب المدح كان مقصوراً على الشعراء الذين يرتادون بلاط الملوك كالنابغة والأعشى. لكن زهير مدح غير الملوك بدافع الإعجاب وحب السلام ويمتاز المدح بالصدق والخلو من المبالغة الممقوتة.
الرثاء:
وهو ذكر محاسن الموتي،أنشد الشعراء الجاهليون في الإثارة،فهم كانوا يذكرون بياض أعمال الموتي كمايبينون ما تتعرض له أسرة المو تي من حوادث فاجعة ونكبات عالية، وقد ساعدت على الإثارة كثرة المعارك وما يقتل فيها من أبطال،كما قال متمم بن نويرة في أخيه مالك الذي قتل:
وكنا كندماني حذيمة مدة* من الدهر حتى قيل لن نتصدعا
فلما تفرقنا كأنـي ومالكاً* لطـول افتراق لم نبت ليلة معا
خصائص الشعر الجاهلي
خصائص الألفاظ
يميل إلى الخشونة والفخامة
العرب كانوا يعرفون معاني الألفاظ كمعرفتهم آباءهم وأجدادهم، ويعلمون لما وضعت لها تلك الألفاظ، فلا يستعملون منها إلا ما تطلب السياق والسباق وما تقاضاه المكان ، ففي مواقف الحرب والحماسة، وكذلك خلال المدح والفخر، كانوا يستخدمون بألفاظ قوية صلبة تميل إلي الخشونة والفخامة ، وحينما يتذكرون قصص الفتيات أو النساء يأتون بألفاظ لينة كلينة أجسامهن .
معظم شعرالنابغة ذبياني وعنتره العبسي وعمر بن كلثوم من النوع الذي يتصف بقوة الألفاظ، وكذلك طرفة بن العبد امتاز اسلوبه بالقوة والجزالة والرقة.
خالى من الأخطاء والألفاظ الأعجمية
الشعر الجاهلي يخلو من الأخطاء النحوية والصرفية والألفاظ الأعجمية،لأن العرب كانوا يكرهون اختلاط غيرهم واستعمال لغاتهم ،فتحذورا كل الحذر ولم يستخدمو بالألفاظ الأعجمية إلا قليل مثل في أشعار أعشي:
شاهدنا الجل والياسمين
وخير دليل علي ذلك أن أساس اللغة العربية وضعت على أساس لغة الشعر الجاهلي لأنه قبل ذلك لم تكن قواعد، فكيف يمكن أن يكون الأخطاء في القواعد بنفسها.
يخلو من الزخارف والتكلف والمحسنات المصنوعة
العرب كانوا يختارون لأشعارهم ألفاظا جزلة، ملائمة، صادقة التعبير عما يخطر ببالهم، خالية من الحلي اللفظية، كما اختار النابغة في مدح عمرو بن الحارث الغساني، كان النابغة وثيق الصلة بالنعمان بن المنذر يمدحه وينال عطاياه، كان مقربا إليه ينادمه ويؤاكله، فحسده منافسوه ودسواله عنده، حتي غضب عليه، وخاف النابغة، ففر إلي الغساسنة واتصل بأميرهم عمرو بن الحارث فمدحه:
كليني لهم يا أميمة ناصب | * | وليل أقاسيه بطئ الكواكب |
علي لعمرو نعمة بعد نعمة | * | لوالده، ليست بذات عقارب |
إذاما غزوا بالجيش حلق فوقهم | * | عصائب طير تهتدي بعصائب |
مع أنه بدأ القصيدة بالشكوي الذي لا يستحسن ، كان يخشي غضب النعمان بن المنذر ويتوقع أذاه، لذا جاءت الكلمات نابعة من هذا المعين، معبرة عن هذاالحزن، وحينمابدأ أشعاره المدحية أتي بألفاظ قوية جزلة، فيها فزع الحرب وصوت الضرب وهول القتال.
فالشعراء كانوا يحرصون علي أن يؤدوا معناهم من أقرب طريق، بعيدا عن جميع الزخارف، وألوان الجمال اللفظي، معظم ألفاظ الشعر الجاهلي، اختارها الشاعر استجابة دون أي انتقاء وفحص، فأسلوب نسجه يسير مع طبيعة الشاعر وسجيته فليس فيه تكلف أو صنعة، ولا يهتم بأجناس علم البديع كالمقابلة، والمطابقة وغير ذلك من أخواتها.
يميل إلى الإيجاز
أسلوب الشعر الجاهلي يتصف بالإيجاز، وعدم الإطناب، فهم يعشقون الإيجاز لأنهم يعتمدون علي الحفظ ،مما لاشك فيه أن الشاعر الجاهلي لم يقف عند المشاهد التي يصفها ، ولم يطل الحديث عنها، بل مّرعليها مرورا سريعا ، فجاءت موضوعاته ومعانيه في القصيدة الواحدة كثرة وسريعة في آن واحد،ولكنها في الوقت ذاته مترابطة متماسكة ، ويرى أن السبب في هذه السرعة حياته التي لا تثبت ولا تستقر،وهو كذلك في معانيه لا يثبت ولا يستقر ، بل ينتقل من معنى إلى معنى في خفة وسرعة شديدة. ومن كانوا يعيشون في الحضر والمدن ،كانت حياتهم مستقرة وكانو يتمتعون بشئ من الحضارة والمدنية فتوجد في أشعارهم رقة والمعاني الدقيقة نتيجة لثقافتهم العميقة .
خصائص المعنى
يخلو من المبالغة الممقوتة
لا شك فيه أن المبالغة جزءأساسي للشعر، ومن محاسنها التي تزيد تأثير الشعر، ولكن لابد أن تكون تلك المبالغة، مبالغة واقعية ،غير محضة، كمبالغة المشروطة بقيد، فهي لا تبقي مبالغة، بل هي تؤثر القلب وتخلب اللب كماقال البحتري:
فلو أن مشتاقا يكلف فوق ما * في وسعه لمشي إليك المنبر
إنه استخدم في شعره كلمة "لو" ويقيد مشية المنبر بهذا التعقيد، كذلك تكون المبالغة مستحسنة ومقبولة ،إذااعتمدت علي الأخيلة الرائعة،كشعر أعشي، وكبشة بنت معدي، فإنه يشعل نيران الحرب، ويضعضع بنيان البلاد، ويرقرق الحجر ويبكيه، ويضرم النار في البحر.
فالمبالغة التي يأتيها الشعراء في ضمن الخيال الرائع، والأسلوب البليغ، فهي توثر القلب، وتخلب اللب، وتترك أثرا عميقا في النفس، ولكن المبالغة المحضة التي لا يراد بها إلا ترويح النفس فهي كسراب بقيعة يحسبه الظمعان ماءا.
البساطة والبعد عن التعقيد
إن الحياة الفطرية والبدوية قدكانت جعلت شخصيةالعرب الانسانية بسيطة ، فتأثر بها شاعريتهم، فكانوايحرصون علي بناء عباراته بناءً قويا متينا، لا التواء فيه، ولا تعقيد على الرغم من عمق دلالتها، وقوة معناها، فكانوا ينتخبون لهاالألفاظ الحسنة الملائمة للصورة، ويؤلفونها بالجودة، وكانوا لا يعمدون إلي فلسفةالمعاني وتعقيدها، فكل ما يعبر به الشاعر فهو في معان فطرية ،سهلة ،قريبة العمق، تتميز بوضوحها وقربها وسهولة إدراكها، وبأسلوب واضح ليس فيه خفاء وتعقيد.
يقوم على وحدة البيت لا وحدة القصيدة
وبما أن العرب كان يعوزهم النظر الفلسفي والتعمق في التفكير، ولايهتمون بترتيب الأبيات، فقصائد العرب الجاهلية، لا ينظمها سلك، ولا تجمها علاقة، بل هي تقوم علي وحدة البيت، ولايؤثر فيها تقديم أي بيت، و تاخيره، وكذلك حذفه و زيادته، فهذا كله الذي يلعب ويعبث بمعاني النثر والنظم لا يشوه القصيدة الجاهلية ولا ينقص منها شيئا، كان البيت الواحد من الشعر قول جامع يجمع معاني تامة ،كما قال امرؤ القيس بقصيدته «قفا نبك» إنه وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في بيت واحد.
فوحدة البيت في القصيدة الجاهلية، لاتتعارض أبدا مع وحدة القصيدة، ولذا كان البيت محل نقد عند أدباء الأدب، لا القصيدة الكاملة، فالبيت الواحد كاللؤلؤة مستقلة بذاتها،وما لها من قيمة وروعة وجمال، واذا ما اجتمع اللؤلؤ بلؤلؤ،أصبح عقدا، وهذا قصيدة العرب الجاهلية.
منتزع من البيئة البدوية
وكل ما يسوغ الشاعر في أشعاره، كان يسمتد ه من البيئة، وكل ما يعرض علي الأمة من أفكار ومعان، لاتكون إلا نابعة من العقلية البدوية التي لم تصقلها حضارة أو ثقافة ، ولم تعقدها حياة الحضر فهي تنطلق علي سجيتها البدوية وتعبر عن بيئتهاالصحراوية.
خصائص الخيال
تصوير البيئة البدوية و الطابع الحسي
لم تكن أخيلة الشعراء الجاهلين تدور، إلاحول البيئة التي كانوا يسكنونها، ويعيشون فيها، فينسجون تلك الأخيلة في ألفاظهم الخلابة وأشعارهم الجذابة، وكل ما تعرضون من أذكار، تكون صادقة بجميع معني الصدق، كما تشهدعليه قصة وفد من اليمن، أقبل علي النبي صلي الله عليه وسلم، روي من طريق هشام قال حدثني فروة بن سعد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه، عن جده قال: بينا نحن عند رسول الله إذا أقبل وفد من اليمن فقالوا: يا رسول الله لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس، قال: وكيف ذاك؟ قالوا أقبلنا نريدك حتي إذاكنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق، فمكثنا ثلاثا لا نقدر علي الماء، فتفرقنا إلي أصول طلح وسمر ليموت كل رجل منا في ظل شجرة، فبينا نحن بآخر رمق، إذا راكب يوضع علي بعير، فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع:
ولما رأت أن الشريعة همُّها *وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج* يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: ومن يقول هذالشعر وقدرأي ما بنا من الجهد؟ قال قلنا امرؤ القيس بن حجر، قال: والله ما كذب، هذا ضارج عندكم ، فنظرنا فإذا بينا وبين الماء نحو من خمسين ذراعا،فحبونا إليه علي الركب فإذا هو كماقال امرؤ القيس عليه العرمض، يفيئ عليه الظل. .صور الشعر الجاهلي ليست متكلفة
الشعراء العرب كما كانوا لا يتكلفون بانتخاب الألفاظ، لا يهتمون بأفكار وصور الاشعار، فما كانوا يقولون إلا ما يتعرضون له في حياتهم بجميع صفات الصدق والسذاجة، فصور الشعر الجاهلي ليست أخيلة مفروضة، ما لهاعلاقة بالواقعية، بل هي الصدق بنفسه .
الصدق:
كان الشاعر يعبر عما يشعر به حقيقة، مما يختلج في نفسه بالرغم من أن يكون فيه المبالغة ، مثل قول عمرو بن كلثوم.
وإن أشعر بيت أنت قائله* بيت يقال إذا أنشدته صدقا
كما قيل " أن أحسن القول ما صدقه الفعل" فكان زهير لا يمدح إلا مستحقا، كمدحه لسان بن أبي حارثة ،ظهر أن الشعراء الجاهلين كانوا يهتمون ببيان الصدق في كل مجال ، لأن الصدق كان من صفاتهم الخلقية، فمرة قالت بنو تميم لسلامة بن جندل : مجِّدنا بشعرك! قال: افعلو حتي أقول. هكذا قال نعمان بن المنذر ملك حيرة للشاعر عمر و بن طفيل الدوسي، قل شيئا في شأني" فلما لم يجدالشاعر أي شيئ قابل للمدح فقال مباشرا:" افعل حتي أقول"
فالواقعية شرط أساسي للشعر، والشعراء الجاهليون كانوا يذكرون في أشعارهم كل ما يمارسون في حياتهم، فاستعاراته وكناياته كلها لا تخلو عن الواقعية والطابع الحقيقي، فكان حينما يشبه أحدافلا يقوم بتشبيهه، إلا بالشي الذي ثبت له وجود في الواقع.
الاطالة والاستطراد
الشعراء العرب كانوا يطيلون قصائدهم وكانوا يحمدون ذلك، مع أنهم يخرجون عن الموضوع الأساسي، ويتيهون في واد ثم في وادآخر، فجميع قصائد العرب تدل عليها، لأنهاتشتمل علي عدة أصناف الشعر.
الوقوف علي الأطلال:
الشعراء الجاهليون كانوا يبدأون قصائدهم بالوقوف علي الأطلال فكانوا يصفون الجبال والديار التي مرت بها عشيقتهم، ويتذكرون ما حدث بها أوبنفس الشاعر خلال المرور بتلك الأطلال، ويصف جميع ما تعملين أويعمل أو تتصف تلك الدمن من صفات ومن حوادث، بأسلوب ما امتاز به الشعراء الجاهليون، فهذا الملك الضليل إمراؤالقيس يبكي علي عنيزة
قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل
وعنتره بن شدادالعبسي
يا دار عبلة بالجواء تكلمي* وعمي صباحا دار عبلة،وأسلمي
فوقفت فيا ناقتي، وكأنها * فدن لاَقضي حاجة المتلوم
فيقف الشاعر بين أطلال عبلة، يسترجع ذكريات الحبيبة، حيث كانت هذه الربوع مراتع حبه ومواقع لقائه، وتذكره هذه المنازل أيام حبه ولقائه بحبيبته ، يعبر عن عاطفته نحو هذه الديار، لأنها ديارعبلة.
شعرغنائي:
جميع ما قرض العرب من الشعر، وأنشدوه، كلها شعر غنائي ، لم يكن العرب يعرفون الشعر التمثيلي، والقصصي، لأنهما ينسجان بسداة تبني علي دقة الخيال، وبلحمة تكون من قوة التفكيروالتعمق في البحث والتحليل العقلي، وهذاهوالذي يفقده العرب، و يفتقره منذ القدم ،لأنهم كانوا ينشدون بداهة، يحذرون عن الخوض في التفكير العميق، ونسج الأخيلة الدقيقة ، كما كانوا يتجنبون عن التطويل، بل كانوا يصورون أحزان فراق الحبيبات، ومراثي الفرسان في الحروب. فأشعارهم شعر غنائي عكس ماكان لأقوام أخري كالإلياذة لليونان، ومهابهاررتا للهنود، والشاهنامة للفرس.
كثرة الحكم والأمثال :
كان العرب فلكثرة أسفارهم ولحياتهم اللا استقرارية خبراء حنكة، وكانوا يهتمون بنقل صفوة التجارب والخبرات، التي كانوا يتعرضون لها خلال السفر والحضر، وكما معروف بأنهم كانوا يحبون الإيجاز، ويتجنبون الإطناب، فكانوا يذكرون تلك التجارب بألفاظ شاملة، تكمن في جنباتها صفحة أوصفحات، حتي أصبحت تلك الألفاظ مضربة للأمثلال، ودالة علي معني خاص ماأرادبها ناقلها، وتلك الأمثال كانت تنبع عن تجارب صادقة، وكانت تمتزج بالإحساس والعطف، فالشعراء العرب يكثرون بنقل الحكم والأمثال النادرة في طيات قصائدهم، حتي لا تكادتخلوأية قصيدة جاهلية من الحكم والأمثال السائرة، ومن أشهر شعرائها زهير، والنابغة ،ولبيد وطرفة. فقال زهير:
ومن لم يصانع في أمور كثيرة * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
ومن يجعل المعروف من عرضه * يقره ومن لا يتق الشتم يشتم
وقال طرفة بن العبيد:
كل خليل خاللته* لا ترك الله له واضحه
كلهم أروغ من ثعلب * ما أشبه الليلة بالبارحة
****
**
المراجع:
الصحيح للبخاري
تاريخ الأدب العربي:لحسن الزيات
البداية والنهاية لحافظ ابن الكثيرالدمشقي
العقد الفريد:لمحمدبن عبد ربه الأندلسي
ماذاخسر العالم بانحطاط المسلمين :للشيخ أبي الحسن الندوي
عربي ادب كي تاريخ :للدكتور عبدالحليم الندوي
الأدب والنصوص والبلاغة لسعد عمر حسين مقبول
جزيرة العرب: للأستاذ محمد رابع الندوي
No comments:
Post a Comment